الفكر الإسلامي
الاستهلاك
في الإسلام
(3/3)
بقلم : الأستاذ زيد بن محمد
الرماني
3- الاستهلاك في الفكر
الكيزي(1):
إن الكلاسيك
باعتمادهم على قانون ساي(2) للأسواق، خلصوا إلى نتيجة أساسية مفادها: أن
المتغير الأساسي في الحياة الاقتصادية هو العرض، وأن الطلب لا يشكل أية مشكلة على
الاطلاق. إلا أن كينز رفض هذه النتيجة وانتهى إلى أن الطلب يعتبر المتغير الأساسي
في الحياة الاقتصادية وليس العرض. أي أن مستوى الطلب هو الذي يؤثر في تحديد مستوى
كل من الدخل والتشغيل ، كما خلص أيضًا إلى أن مستوى الطلب الكلي لن يكون بالضرورة
دائمًا عند مستوى التشغيل الكامل، بل إن الوضع المعتاد هو أن يكون دون هذا المستوى
.
أي أن النظام
الاقتصادي بطبيعته معرض لظاهرة نقص الطلب، وبالتالي نقص مستوى كل من الدخل
والتشغيل .
وبعد أن توصل كينز
إلى بيان أهمية الطلب في النشاط الاقتصادي، قام بشرح وتفسير المكونات الأساسية
للطلب وأهمها : الطلب الاستهلاكي والطلب الاستثماري .
وبما أن الطلب
الاستهلاكي يشكل القسم الاكبر من الدخل القومي ، والتي قد تصل نسبته أحيانًا إلى ٪85
من إجمالى الدخل القومي، ولما كان الطلب الاستثماري لا يعدو في حقيقة الأمر أن
يكون إلا طلبًا مشتقًا من الطلب على السلع والخدمات الاستهلاكية؛ يمكن القول إن
الاستهلاك في الفكر الكينزي يعتبر من أهم المتغيرات الاقتصادية على الاطلاق، إذ
اعتمد عليه كينز في تحليله للنظام الاقتصادي، كما اعتمد عليه في التعرف على طبيعة
المشكلات التي تواجه النظم الاقتصادية عمومًا، وبالتالي في رسم السياسة الاقتصادية
اللازمة للتصدي لهذه المشكلات. فالاستهلاك عند كينز أحد محددات مستوى النشاط
الاقتصادي، والسبب الرئيسي لما تعانيه الرأسمالية من مسكلات، ويشكل أداة هامة لمعالجة
هذه المشكلات .
مما سبق بيانه
في الفذلكة التاريخية، تتضح أسباب تأخر ظهور نظريات الاستهلاك، إذا لم يحاول كثير
من الاقتصاديين تحليل العوامل المؤثرة في الاستهلاك إلا بعد القرن التاسع عشر
الميلادي، فقد انشغلوا طوال القرنين الثامن والتاسع عشر بمشكلات الإنتاج، بالرغم
من أنهم آمنوا – كما آمن آدم سميث – بأن الاستهلاك هو النِّهاية الوحيدة والغرض من
الانتاج .
يقول
جون كامبس : «لم يعط الاقتصاديون للاستهلاك أهمية كبيرة إلا أخيرًا، فقد قال الاقتصاديون
نحو النظر إلى نظريات الاستهلاك على أنها قليلة المساهمة في تطوير عملهم، ماعدا
بعض التخمينات التي تستعمل في نظرية القيمة» (3).
كما يقول د.
زكي محمود شبانة: «لم يعرف الاقتصاديون أهمية الاستهلاك والإنفاق في
الدراسات الاقتصادية إلا في القرن التاسع عشر؛ حيث بدأ جيرمي بنثام في أوائل القرن
التاسع عشر بنظرياته، ثم تلته المدرسة الاشتراكية، ثم أتت بعد ذلك مدرسة كينز
الاقتصادية، بعد أن أخرج نظريته في التشغيل وفائدة رأس المال سنة 1936م» (4)
وعلل الكثيرون
عدم الاهتمام بدراسة الاستهلاك والمستهلك بأسباب منها:
(1) الاعتقاد
بأن الرغبات الإنسانية لا حدود لها، وأن الإنتاج يوجد طلبًا مماثلاً. وفي هذا يقول
ريكاردو:
«لا يقوم أي
شخص بإنتاج شيء ما؛ إلا بقصد استعماله أو بيعه، اَعْطِني القدرة الشرائية،
فالحاجات والرغبات لا حدودلها» (5).
(2) الاعتقاد
بأن الاستهلاك فن يشمل عدة أمور غريبة عن علم الاقتصاد، ولذا فيجب استبعاد دراسة
الاستهلاك لصعوبتها .
يقول ألفرد
مارشال عند حديثه عن إغفال الكتاب إلى وقت قريب العناية بدراسة موضوع الاستهلاك: «وقد يكون
السبب في ذلك هو أن البحث في أحسن الوجوه التي ينفق الأفراد دخولهم وفقًا لها، لا
يخضع لمنطق علم الاقتصاد... ولهذا لم يتعرض الاقتصاديون لطرق هذا الموضوع إلا
لمامًا، إذ لم يكن لديهم ما يقولونه مما يجهله عقلاء الناس» (6)
على الرغم من
أن مثل هذا البحث الذي يساعد على الإفادة من الموارد المتاحة على أفضل وجه ممكن
بحث بالغ الخطر والأهمية .
بَيْد أن
عوامل عديدة قد جدت في الوقت الحاضر أولت لهذا الموضوع أهمية في البحوث والمناقشات
الاقتصادية، ومن هذه العوامل مايلي:
العامل الأول:
يرجع إلى ما ساد من اعتقاد بأن: ثمة ضررًا قد لحق بالتفكير الاقتصادي نتيجة إصرار
ريكاردو على إعطاء نفقات الإنتاج أهمية أكبر مما تستحق، عند تحليله للعوامل التي
تحدد قيمة التبادل ومع أنه وأتباعه، كانوا على دراية وافية بأن الدور الذي يؤديه
الطلب (الاستهلاكي) في تحديد القيمة لا يقل أهمية عن الدور الذي يؤديه العرض، إلا
أنهم لم يعبروا عن هذه الحقيقة بوضوح كاف، ولهذا أخطأ الكثيرون، فيما عدا القليلين
من القراء، فهم ماذهبوا إليه .
العامل
الثاني: يرجع إلى نمو عادات من التفكير الدقيق في علم الاقتصاد؛ جعلت تُعنى
بالافصاح عن الأسس التي تقوم عليها حججهم. ولعل هذه العناية المتزايدة قد نشأت بسبب
استعمال بعض الكتاب للغة علماء الرياضة واستخدامهم لطرق تفكيرهم. ومن المشكوك فيه
أن يكون استخدام القوانين الرياضية المعقدة قد أجرى شيئًا كثيرًا على علم
الاقتصاد. ولقد حتم هذا الاتجاه القيام بتحليل أدق وأوفى للاصطلاحات الرئيسية لعلم
الاقتصاد، ومن بينها الطلب (الاستهلاك) على وجه الخصوص .
العامل
الثالث: يرجع إلى أن روح العصر تدفعنا إلى أن نولي عناية أكبر مسألة: هل من
الميسور لنا أن نستخدم ثروتنا المتزايدة استخدامًا أفضل من شأنه أن يزيد في مقدار
الرفاهة العامة؟، ولعل هذا يدفعنا بدوره إلى بحث الموضوع الآتي: لأي حد تمثل
القيمة التبادلية لأي عنصر من عناصر الثروة – سواء استخدام هذا العنصر استخدامًا
جماعيًا أو استخدامًا فردياً – قيمة الزيادة التي يحققها استخدامه في السعادة
والرفاهة العامة؟» (7)
لهذه العوامل
وغيرها، عادت إلى الاستهلاك أهميته، حتى إن معظم الاقتصاديين اليوم يبدأون دراسة
الاقتصاد بنظرية الاستهلاك والإنفاق .
أهمية الاستهلاك في الاسلام :
تبرز أهمية
الاستهلاك في الإسلام في النقاط التالية :
1- الاستهلاك تعود فطري (8)
ينظر
الإسلام للاستهلاك على أنه أمر فطري للإنسان، ومن ثم فهو ضروري له، وكل ما كان
كذلك فلا يمنع منه الإسلام، بل يقف منه موقف الحث والترغيب؛ ذلك لأن بقاء الانسان
واستمرارية نوعه؛ ليعمر الأرض، ويكون خليفة فيها، ويعبد الله تعالى، لا يتأتى إلا
بالاستهلاك. وفي هذا يقول أحد الباحثين: «الاستهلاك في نظر الاسلام، ومن ثم في نظر الاقتصاد الإسلامي أمر فطري
وديني؛ لما يتوقف عليه من مطلوبات دينية»
(9)
2- الاستهلاك عبادة وطاعة من الطاعات: (10)
يُعْتَبر
الاستهلاكُ في الإسلام نوعًا من أنواع العبادات؛ إذا قصد به وجه الله سبحانه
وتعالى، ويقصد المستهلك باستهلاكه وجه الله عز وجل، إذا تحرى الكسب الحلال واستهلك
الطيبات من السلع والخدمات، وهدف باستهلاكه التقوى على عبادة الله والتقوى على
العمل المثمر لصالحه وصالح مجتمعه المسلم .
يضاف إلى ذلك
أن عملية الاستهلاك نفسها طاعة من الطاعات؛ إذا كانت تعبر عن الانصياع لأمر الله
تعالى بالأكل والشرب والتمتع بهذه الحياة، قال سبحانه مخاطبًا آدم عليه السلام
وحواء: ﴿وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيثُ شِئْتُمَا﴾(11).
وأوضح شمول
ذلك لكل الناس بقوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الناسُ كُلُوا مِمَّا فِي
الأَرْضِ حَلاَلاً طَيّبًا﴾(12).
وجاء في آية
أخرى قوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ
مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشكُرُوا لِلّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾(13).
يعلق أحد الباحثين على هذه الآية فيقول: «فالأكل –
اي الاستهلاك – المقترن بالشكر، شرط لتحقيق العبادة» (14).
لذلك
فالاستهلاك والاستفادة والانتفاع بما خلق الله أمر طيب في الإسلام، طالما أنه
لايقوم على إدخال الضرر بالنفس أو الإضرار بالآخرين.
3- الاستهلاك في الإسلام ثوابه في الدنيا
والآخرة: (15)
يحث
الإسلام الإنسان على تناول الطيبات من الرزق، بهدف تحقيق الغاية من خلقه ووجوده،
ويثاب على هذا الاستهلاك، إضافة إلى ما يتحقق له من متعة ولذة وحماية أي أن المسلم
في هذه الحالة، قد جمعت له منفعتان: عاجلة وآجلة.
ويترتب على
ذلك، أن الإهمال في الاستهلاك أمر مذموم في الإسلام، وإذا قصر الفرد مع توافر
المقدرة فهو ملوم، يقول جل شأنه: ﴿وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى
عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾(16)
.
يقول
الإمام الشيباني: «المسألة (أي الإشباع) على
أربعة أوجه ففي مقدار مايسد به رمقه ويتقوى على الطاعة هو مثاب غير معاقب، وفيما
زاد على ذلك إلى حد الشبع فهو مباح له محاسب على ذلك حسابًا يسيرًا.. وفي قضاء
الشهوات ونيل اللذات من الحلال هو مرخص له محاسب على ذلك، مطالب بشكر النعمة وحق
الجائعين ، وفيما زاد على الشبع فان الأكل فوق الشبع حرام» (17).
4- الاستهلاك في الإسلام وسيلة لا غاية(18):
الاستهلاك في الغرب
هو الغاية النهائية من حياة الإنسان، وفي إطار ذلك فإن الفرد يستهلك ماشاء بهدف
المتعة الدنيوية. حتى أصبح المستهلك في الغرب يقول: «أنا موجود
بقدر ما أملك وما أستهلك» (19).
بينما الإنسان
المسلم – وإن استمتع من استهلاكه إلا أن الاستهلاك يبقى وسيلة وليس هدفًا نهائيًا
في حد ذاته. فالمسلم يستهلك ليعيش وهو يعيش ليعمر الأرض ويعبد الله ويسعى في نيل
ثوابه .
وقد أشار ابن
قيم الجوزية رحمه الله إلى هذا المعنى موضحًا أن الاستهلاك وسيلة إلى قيام الشخص
بما وكل إليه من أعمال فيقول: «وأما المطاعم والمشارب
والملابس والمناكح فهي داخلة فيما يقيم الأبدان ويحفظها من الفساد والهلاك وفيما
يعود ببقاء النوع الإنساني ليتم بذلك قوام الأجساد وحفظ النوع فيتحمل الأمانة التي
عرضت على السماوات والأرض ويقوى على حملها وأدائها، ويتمكن من شكر مولي الأنعام
ومسديه» (20).
وما سبق تتضح
عناية الإسلام الخاصة، بالاستهلاك من خلال اشارات القرآن الكريم والسنة النبوية،
واهتمام علماء التفسير والفقه والحديث وغيرهم، بالاستهلاك والعوامل المؤثرة عليه،
ومايتصل به من موضوعات متعددة ومتنوعة، مثل الإسراف والتبذير والشح والبخل
والاكتناز، وما إلى ذلك من موضوعات ذات صلة بالاستهلاك .
وأخيرًا، فإنه
يمكن إيجاز الأهمية التحليلية للاستهلاك في النقاط التالية :
أولاً: نعتقد
من حيث المبدأ أن الإنسان مستخلف على هذه الأرض، أحلَّ الله له الطيبات، وأمره
بألايسرف أو يقتر، وحرَّم عليه الخبائث، قال سبحانه: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ
الطَّيِّبَاتِ. وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الْخَبَائِثَ﴾(21).
وهناك توجيهات
قيمية للاستهلاك، نحن ندرس الاستهلاك للتأكد من هذه التوجيهات التي ينبغي أن تتمثل
في سلوك المستهلك المسلم. فالهدف هو معرفة التوجيهات الممثلة لسلوك المستهلك
المسلم؛ وذلك بتحديد نطاق من القيم السلوكية التي دعى إليها الإسلام، نطاق واسع من
خيارات يمكن وصفها بأنها إسلامية، والتميز فيما بينها بالفاضل والمفضول .
ثانيًا:
للاستهلاك أهمية خاصة في النظام الاقتصادي بأكمله؛ ذلك أن كل فرد في المجتمع يعتبر
مستهلكاً. وإذا كانت الغالبية العظمى من أفراد المجتمع منتجة ومستهلكة في نفس
الوقت، إلا أنه قد توجد فئة من المجتمع غير منتجة إطلاقًا، فهي تعيش على أموال مدخرة أو ورثتها عن طريق القرابة
أو أتتها عن طريق سهل سريع وهي أموال خامدة قد لا تستثمر. أما في جانب الاستهلاك
فلا يوجد بين الأفراد غير مستهلك، وقد يكون الاستهلاك مُشبعًا لحاجات
ضرورية لايمكن الاستغناء عنها، وقد يكون الاستهلاك مشبعًا لحاجات ثانوية، وهذا هو
استهلاك الكماليات .
ثالثًا:
مقارنة ماتوصلنا إليه في النقطة الأولى (التوجيهات الإسلامية)، ومقابلة هذا النطاق
الممكن من السلوكيات الإيمانية بما نجده في عالم اليوم .
رابعًا: إن
الاستهلاك يمثّل مشكلة بالغة التعقيد فقد ارتبطت الرأسمالية الأوروبية أثناء
تطورها ارتباطاً وثيقًا بعقلية أصحاب مبدأ المتطهرين وبأفكارهم وهي تلك العقلية
التي كانت تكبت كل بحث عن المتعة أو السرور في الحياة. فما يحققه الفرد من نجاح
اقتصادي لا يبرره سوى أنه يمكن صاحبه من تحقيق المزيد من الاستثمار .
حتى شهد منتصف
القرن العشرين بزوغ أسلوب آخر من أساليب الحياة يتناقض مع ذلك الأسلوب ولكنه أسلوب
حظي بالقبول العام، ونعني به ذلك الأسلوب الذي ترك فيه زهد المتطهرين مكانه ليحل
محله أسلوب التمتع بالحياة وماتزخر به من متع دنيوية يكرس الفرد لها كل دخله، كما
صار أسلوب حياة الأغنياء نموذجًا براقًا له جاذبيته، وصار هو المفهوم الذي يتجسد
فيه مفهوم الصالح الاجتماعي .
وإزاء تلك
الظروف تهاوى الحد الذي يفرق بين الاستهلاك المعقول الذي تتطلبه الحياة وسيلة
لتقدمها، وبين الاستهلاك غير المعقول وغير الضروري، الذي يُعدّ ضربًا من ضروب
الإسراف والتبذير في الصالح الاجتماعي، وبدلاً من أن يحرر الإنسان نفسه من عبودية
المادة، أكدها إن المفهوم القديم الذي كان ينظر إلى الانسان باعتباره منتجًا، قد
حل محله مفهوم آخر، هو نماذج المستهلك .
إن مثل هذا
المفهوم الاستهلاكي لايمكن أن يصلح أساسًا للنظام العالمي الجديد، إذ لايمكن أن
يقوم مثل هذا النظام إلا على فهم معقول للاستهلاك باعتباره وسيلة لإشباع الحاجات
الإنسانية الأساسية. ويعرف «جان تينبرجن» ذلك
بقوله: «إن الهدف
الأسمى للمجتمع العالمي هو أن يضمن لكل الناس «حياة كلها
رخاء واحترام للذات» (22).
وعلى أية حال
فان استئصال مثل هذا المفهوم الاستهلاكي من الضمير العالمي مهمة صعبة للغاية، إذ
أنه يشكّل حاليًا القوة الدافعة التي تحرك الأفراد والجماعات .
ومن هنا كان «ديمونت» أكثر
تشاؤمًا عندما عبر عن آراء غير متفائلة حدد بها البدائل التي واجهها العالم،
موضحًا أن العالم يواجه واحدًا من بديلين: إما «المدينة
الفضلى أو الموت» (23)، كما عبر «جون كيندي» عن الفكرة
نفسها بكلمات أخرى عندما قال: «إذا كان المجتمع الحرّ
غير قادر على إنقاذ الفقراء الكثيرين، فإنه لن يستطيع أيضًا أن يُنقذ الأغنياء
القليلين» (24).
وقد بين «أريك فروم» أيضًا، أن
العالم في أزمته الحاضرة يتجاذبه أسلوبان في الوجود يتصارعان من أجل الفوز بالنفس
البشرية إما «التملك» أو «الكينونة» (25).
ولذلك ينادي «بوجدان
سوشو دولسكي» من
أكاديمية العلوم ببولندا، وغيره بأنه: «يجب أن يشتمل ميثاق
النظام الاقتصادي الدولي الجديد على تعريف للاستهلاك، يحمل في طياته برنامجًا
هائلاً للتجديد الاجتماعي، يستطيع أن يواجه ذلك المفهوم الواسع الانتشار الذي يرى
في الاستهلاك إشباعًا أنانيًا للمتع بغير حدود» (26).
هذه بإيجاز
بعض النقاط الدالة على أهمية الاستهلاك من الناحية التحليلية النظرية والواقعية
والمؤكدة للأهمية المتزايدة للاستهلاك.
الهوامش
:
(1) ينظر: جون ميتارد كينز – النظرية العامة في
الاقتصاد، ترجمة نهاد رضا، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت، 1939م، د. لبيب شقير
– مرجع سابق، ص 235، ود. أحمد فريد مصطفى ود. سمير محمد السيد حسن – تطور الفكر
والوقائع الاقتصادية، مؤسسة شباب الجامعة، الاسكندرية، 1985م، ص220 .
(2)
ينص
القانون على «أن العرض يخلق الطلب المساوي له».
(3)
جون س.
كامبس – المدخل الى علم الاقتصاد، ترجمة د. حميد القيسي، مكتبة الوفاء، الموصل،
1964م، ص62.
(4)
د. زكي
محمود شبانه – «معالم رئيسية اقتصادية اسلامية»، مجلة
المسلمون، القاهرة، العدد6، السنة 3، 1373هـ، ص 54-55 .
(5)
نقلاً عن:
د. سيد الهواري – مرجع سابق، ص 8 .
(6)
الفرد
مارشال – أصول الاقتصاد، ترجمة وهيب مسيحه، د. أحمد نظمي عبد الحميد، مكتبة
الانجلو المصرية، القاهرة، 1952م، ص 132.
(7) ينظر في هذه العوامل المراجع التالية: الفرد
مارشال – مرجع سابق، ص 132-133، وجاستون ديفوسيه – مرجع سابق، ص 8-17، ود. خضير
عباس المهر – مرجع سابق، ص 21-24 .
(8)
ينظر: د.
شوقي دنيا – مرجع سابق، ص 93، ود. صلاح الدين الشامي – الاستهلاك ظاهرة بشرية في
الرؤية الجغرافية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1984م، ص44.
(9)
د. شوقي
دنيا – مرجع سابق، ص 93 .
(10) ينظر: د. منذر قحف – الاقتصاد الإسلامي،
دارالقلم، الكويت، الطبعة الاولى 1399هـ، ص 46-48 .
(11) الآية 35 سورة البقرة .
(12) الآية 168 سورة البقرة .
(13) الآية 172 سورة البقرة .
(14) د. شوقي دنيا – مرجع سابق، ص 93 .
(15) ينظر: د. شوقي دنيا – المرجع السابق، ص 93-95 .
(16) الآية 29 سورة الاسراء .
(17) الأمام الشيباني «محمد بن
الحسن الشيباني» – الكسب، نشر وتوزيع عبد الهادي حرصوني، دمشق، 1400هـ، ص104 .
(18) ينظر: مراد محمد علي – المستهلكون في الاسلام،
الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي، القاهرة، يوليو 1985م، ص 60-63، ود. شوقي
دينا – مرجع سابق، ص 95.
(19) إريك فروم – الانسان بين الجوهر والمظهر «نتملك أو نكون»، ترجمة
سعد زهران، عالم المعرفة، الكويت، ع 140، ذوالحجة 1409هـ ، ص 47 .
(20) ابن قيم الجوزية – مفتاح دار السعادة، دارالكتب
العلمية، بيروت، د. ت، ج2/5.
(21) الآية 157 سورة الاعراف .
(22) بيكاس سانيال – التعليم العالي والنظام الدولي
الجديد «مجموعة بحوث»، مكتب التربية العربي لدول الخلية، الرياض، 1407هـ، ص 187.
(23) بيكاس سانيال، مرجع سابق، ص 188.
(24) بيكاس سانيال، نفس المرجع ، ص 188 .
(25) إريك فروم – مرجع سابق، ص 49.
(26) ينظر في ذلك: بوجدان سوشو دولسكي – بحث «مشاركة
التعليم العالي في تأسيس النظام الاقتصادي الدولي الجديد»، ضمن كتاب
«التعليم العالي والنظام الدولي الجديد» بيكاس
سانيال، ص 186-187، وإيليا حريق –العرب والنظام الاقتصادي الدولي الجديد، دار
المشرق والمغرب، بيروت، 1983م، ومحمد عبد الشفيع قضية التصنيع في اطار النظام
الاقتصادي العالمي الجديد، دارالوحدة، بيروت، 1401هـ، وندوة «الاسلام والنظام
الاقتصادي الدولي الجديد»، جنيف 7-10/6/1980م، دارسراس للنشر، تونس، 1402هـ .
مجلة
الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . ذوالحجة 1428هـ = ديسمبر
2007م يناير 2008م ، العـدد : 12 ، السنـة : 31.